للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

سنين وهو لا يزال جنيناً فكيف يتّسع له بطن أمه؟ وكيف ينزل منه؟ إلاّ أن يولد واقفاً ثم يمشي على رجليه فيمضي رأساً إلى المدرسة؟

وسكت مغضَباً، ولم يجد جواباً لأن الذي أوردتُه لا جواب عليه، ثم إني قدّمت له مقدّمات تمنع غضبه. وكان في المجلس أبو مصطفى النحلاوي رحمه الله ورحم كل من ذكرتُ، وهو رجل كبير السنّ أحد الزكرتية المعروفين في الشام، فتكلّم ساخراً من هذا الحكم الذي يعتبر الحمل مستمراً أربع سنين. فقام الشيخ عليه وأفرغ رصاص غضبه في صدره، وقال له: أنت تطعن بالإمام الشافعي يا كذا وكذا؟ وسكتُّ أسمع ولم أقُل شيئاً.

ربما قال قائل منكم: وكيف قرّر الفقهاء ذلك وما دليله؟ ما له يا سادة دليل شرعي، وإنما هي استقراءات قالوا بأنهم استقرَوْها (ولا تقُل استقرؤوها) وأخبارٌ قالوا بأنهم سمعوها فوثقوا بها.

فلما درسنا الطبّ الشرعي ومرّ بنا هذا البحث رأينا المحدَثين يعتمدون على استقراءات كاملة لم يكن مثلها تحت أيدي الفقهاء الأوّلين، فقد ارتقى العلم وتقاربت البلدان واتصل الناس بعضهم ببعض، فلو أن حادثة من هذا القبيل حدثت لملأت أخبارُها المجلات العلمية وتحدّثوا بها في النوادي والمجامع، ودُرست في كليات الطبّ ودخلَت في أبحاث الطب الشرعي.

* * *

كانت بداية تكليفي بوضع مشروع هذا القانون بكتاب وزارة العدل رقم ١٢٢٩٩ وتاريخ ٢٢/ ١٠/١٩٤٥ على عهد الوزير

<<  <  ج: ص:  >  >>