للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

والمخالفات. وفي مصر الملاهي، وفي الملاهي تكشُّف واختلاط ورقص ومحرَّمات وآفات. فيها دار الكتب والمكتبات الكبار: في الأزهر وفي الجامعة وعند تيمور باشا وأحمد زكي باشا ومحب الدين الخطيب، وفيها آلاف وآلاف لا يقرؤون وليس لهم في عالَم الكتب مكان.

وكانت مع ذلك أم الدنيا (أعني دنيا العرب) في سعتها وكبرها، في حدائقها التي لم يكن لها في بلاد العرب نظير: حديقة الحيوان يوم كانت متعة الناظرين وكانت فرجة الزائرين، مَن دخلها أمضى فيها اليوم كله ولم يستطع أن يُحيط بكل ما فيها. والقناطر الخيرية والأزبكية. خبّروني اليوم ما حال الأزبكية؟ هل باقٍ لها رونقها وجمالها؟ هل هي على أناقتها ونظافتها؟ هل الكتب القديمة لا تزال معروضة على سورها كما تُعرَض أمثالها على السور الواطي عند نهر السين؟ كنت أجد بين هذه الكتب نفائس نزل بها الدهر فأذلّها حتى قعدَت هنا، ومكانها المكتبات الكبيرة في الشوارع الواسعة. لقد طالما رأيت أدباء وعلماء يفتّشون بينها عن كتاب يشترونه بالقروش وثمنه الحقّ في المكتبات بالجنيهات! وكذلك كان يفعل أناتول فرانس بالكتب المعروضة على كتف نهر السين.

خبّروني عن حديقة الأورمان، عن حديقة المتحف الزراعي التي كانت لنا متنزَّهاً يوم كانت مصر بلد المتاحف: المتحف المصري، ومتحف الآثار العربية في باب الخلق، ومتحف الشمع في طريق قصر العيني، والمتحف الزراعي نفسه وما فيه من تحف نادرة المثال. يوم كانت مصر أرخص المدن، حتى إننا ونحن ثلاث أسر: أسرة خالي وأسرتي وأسرة أخي عبد الغني (وكنا

<<  <  ج: ص:  >  >>