للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

في دار واحدة) نشتري في الصباح فولاً بثلاث تعريفات (بقرش ونصف) فيُشبِعنا جميعاً وربما فضلَت منه فضلة عنا.

يوم كان الجنية المصري يعدل ليرة إنكليزية من الذهب (أمّ حصان) وفوقها قرش ونصف، لأن الجنيه المصري كان أغلى من الذهب. يوم كانت مصر أغنى بلاد العرب، فما الذي هبط بها وبه؟ ما الذي أذهب بَرَكته؟ إنها اللفحة الماركسية التي لم تدخل بلداً إلاّ أخرجَت منه البَرَكة وأذهبَت منه الرخاء، وأحلّت بأهله الضنك والضيق والشقاء.

* * *

أقمت في مصر سنة ١٩٤٧ (١٣٦٦) بطولها وطرفَي السنتين قبلها وبعدها، وكان وقتي كله بين ثلاث: إدارة التشريع في وزارة العدل التي فيها عملي، ودار «الرسالة» التي فيها هواي وإليها يميل قلبي وفيها تحطّ بي الأماني، و «السلفية» وفوقها دار خالي التي كانت المنزل وكان فيها المقام.

وكان رفيقي في هذه الرحلة الأستاذ نهاد القاسم رحمة الله عليه، الذي كان يومئذ مستشاراً في محكمة الاستئناف ثم صار أيام الوحدة وزير العدل المركزي لمصر وللشام، وهو أحد رفاق العمر الذين لم يبقَ منهم إلاّ قليل من كثير، مدّ الله في آجالهم وزادهم حسناً في أعمالهم، كالأستاذ سعيد الأفغاني والشيخ ياسين عَرَفة والأستاذ الشيخ مصطفى الزّرقا والدكتور معروف الدواليبي، وغيرهم ممّن إن نسيت أسماءهم هنا فإن ذكرياتهم ثابتة في القلب لا تُمحى ولا تزول.

<<  <  ج: ص:  >  >>