للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أكون معه فيها في المكتب وأصحبه -بإلحاح منه- إلى الدار، وأراه في مباذله وأعرف جميع أحواله ودواخله. وأشهد ما رأيت منه إلاّ فضلاً ونبلاً، وإذا كان لكل رجل صفة تطغى على الصفات حتى ليُعرف بها أو تكون له -كما يقول العقّاد- مفتاح شخصيته، فمفتاح الزيات الرفق والحياء؛ إن تكلّم فعلى مهل، وإن كتب فعلى مهل. وقد راعه مني أول الأمر صراحتي وثورتي، ثم ظننتُ أنه تعوّدها وإن كان أحياناً كثيرة يضيق بها.

جاء مصرَ رجلٌ اسمه القُمّي، إيراني شيعي حاذق ذكي داهية من الدواهي، ففتح «دار التقريب»، يدعو فيها إلى التقارب بين الفريقين السنة والشيعة وهو في الحقيقة داعية إلى التشيّع. وفي مصر ميل إلى آل البيت لعلّه باقٍ من أيام العبيديّين (الذين تسمّوا كذباً بالفاطميّين، وما لهم بفاطمة رضي الله عنها صلة ولا يربطهم بها نسب ولا لهم إليها سبب، برئت فاطمة الزهراء منهم ومن كفرهم). أهل مصر يحبّون آل البيت حباً قد يصل أحياناً إلى الغلوّ، تراه عند قبر الحسين وما يصنعون عنده وما يصنعون عند قبر السيدة زينب وما في مصر من مشاهد منسوبة إلى أهل البيت.

والحسين رأسه في المشهد المعروف باسمه في جامع بني أمية في دمشق وجسده موسّد ثرى كربلاء في العراق، وما منه في مصر شيء. ولست أنا قائل هذا الكلام فتُوجَّه إليّ السهام ويُلقى على عاتقي الملام ويجرَّد في وجهي الحسام، ولكن قائله، بل كاتبه الذي أيّده بالدلائل وأقام عليه البينات، هو شيخ الإسلام ابن تيمية. فمَن غضب منه فليردّ على الشيخ لا عليّ، فما لي في الأمر ناقة ولا جمل ولا لي فيه سخلة ولا حمل.

<<  <  ج: ص:  >  >>