تُوزَّع على المستحقّين من الورثة إلاّ بعد أن يخرج منها حقّ الله، فإذا اعتبرنا الوصية لابن المحروم التي ندب الشرع إليها حقاً من حقوق الله وأخرجناها قبل توزيع التركة لا نكون قد خرجنا عن المذاهب الأربعة.
أما القول في هذه الوصية والوصية للوارث فألخّصه بكلمات، من جهة التقليد ومن جهة الاجتهاد، أي بالنظر إلى جهة مذاهب الأئمة المعتبَرة والنظر للأدلّة: أما من جهة التقليد فقد اتفق جمهور الفقهاء على أن الوصية للوارث غير جائزة، وإن كان منهم من منعها من أصلها ولم يجوّزها ولو أجازها الورثة، وعلى ذلك مذهب مالك (فيما سمعت) وداود الظاهري وأحد القولين في مذهب الشافعي، ومنهم من جعلها موقوفة على إجازة الورثة كأبي حنيفة والشافعي في أحد القولين وأحمد على ظاهر المذهب. وخالف الفقهاءَ بعضُ الفرق التي لا نأخذ بأقوالها كالشيعة الإمامية وبعض الزيدية.
أمّا من جهة الاجتهاد فالأصل في هذه المسألة قوله تعالى:{كُتِبَ عليكُمْ إذا حَضَرَ أحَدَكُمُ المَوْتُ إنْ تَرَكَ خَيراً الوصيّةُ للوالدَينِ والأقرَبِينَ بالمعروفِ، حقّاً على المُتّقينَ، فمَن بَدّلَه بَعدَما سَمِعَهُ فإنّما إثمُهُ على الذينَ يبدّلونَهُ، إنَّ اللهَ سَميعٌ عليمٌ}(وهذه الآية فَرضت على من ترك مالاً -مطلقاً أو مالاً كثيراً- أن يوصي للوالدَين والأقربين)، وقوله تعالى في آية المواريث:{يُوصِيكمُ اللهُ في أولادِكُمْ للذّكَرِ مِثْلُ حَظِّ الأُنْثَيَيْنِ، فإنْ كُنَّ نِساءً فَوْقَ اثْنَتَينِ فَلَهُنَّ ثُلُثا ما تَرَكَ}(إلى آخر الآية)، وحديث:«إنّ اللهَ أعطى كُلَّ ذي حقٍّ حقَّهُ فلا وصيَّةَ لوارثٍ»، وهذا الحديث رُوي