فمشروع الوصية الواجبة في القانون مأخوذ من هذه الآية، وهي منسوخة لكن حكمها باقٍ في غير الوارث، ومعنى ذلك أن الله أمر فيها بالوصية للأقربين جميعاً، ثم حدّد لبعض الأقرباء أنصباءهم وحصصهم من التركة فأُعطوا ما فرضه الله لهم، وباقي الأقربين بقي حكم الوصية قائماً في حقّهم.
بقي تحديد المقدار الواجب. اختلف المفسرون في المراد من كلمة «بالمعروف»، فقال ابن مسعود: الأحوج فالأحوج. وقيل: ذلك متروك لاجتهاد الموصي. وفي حاشية الرّهوني في المذهب المالكي أنه إذا أوصى بجزء مُبهَم غير مقدَّر فلا شأن للورثة أو الوصيّ في تعيينه، وإنما يكون للموصى له سهم من السهام التي تنقسم إليها التركة، وهو رأي ابن القاسم. والذي ذهب إليه واضع المشروع في مصر أن المعروف هنا هو أن يأخذ أبناء المحروم حصّة أبيهم من التركة لو بقي حياً (١).
* * *
(١) نصّ الدكتور وهبة الزّحيلي في كتابه «الفقه الإسلامي وأدلّته» على أن القانون المصري أوجب هذه الوصية لأولاد الابن مهما نزلوا وللطبقة الأولى فقط من أولاد البنت، أما القانون السوري فقد قصر هذه الوصية على أولاد الابن فقط، ذكوراً وإناثاً، دون أولاد البنت. ثم قال: "والأَولى الأخذ بما ذهب إليه القانون المصري تسويةً بين فئتين من جنس واحد، سواء لطبقة واحدة أو أكثر". ثم ذكر أن القانون حدّد للأحفاد ما كان يستحقه أبوهم لو كان حياً. انظر المسألة في الجزء الثامن ص١٢٣ (مجاهد).