(٦/ ٤١٤): تجب الوصية على مَن عنده وديعة أو عليه دين، وبغير ذلك لا تجب. وقال قوم: تجب للأقرباء الذين لا يرثون، ونُقل عن بعض الصحابة. وجاء مثل ذلك في نيل الأوطار (٦/ ٢٩)، ونُقل عن المنذربن سعيد أول باب الوصية من مواهب الجليل للحطّاب المالكي، وأفاض فيه ابن حزم في المحلى (٩/ ٣١٢)، وهي عنده فرض على كل من ترك مالاً لقرابته الذين لا يرثون، وروى القولَ بذلك عن جماعة من التابعين.
إذا مات ولم يوصِ هذه الوصيّة فما العمل؟ اختُلف فيه على ثلاثة أقوال:(١) فقال قوم بأنه إن لم يفعل خُتم عمله بمعصية ولاشيء لهم (راجع نيل الأوطار ٦/ ١٦٣)، (٢) وسكت قوم عن الحكم، (٣) وانفرد ابن حزم فقال بأن له أن يوصي بما طابت به نفسه، وإن أوصى بثلاثة أجزاء (وإن لم يوصِ بالكل) فإنه يكون قد أوصى للأقربين لأن أقل الجمع ثلاثة. فإن مات ولم يوصِ أعطوا جزءاً من ماله يقدّره الورثة أو الوصي ولا حدّ له، ومذهب ابن حزم قضاء ديون الله قبل ديون العباد.
فإن أوصى لغيرهم من الأباعد وتركهم؟ إن تركهم محتاجين وأوصى لغيرهم من الأباعد رُدّت الوصية عليهم على قول في مذهب أحمد، نقله ابن مفلح في كتاب الفروع (٢/ ٩٢١ و٨٩٢) وقيل إن أوصى لغيرهم بالثلث أُعطوا ثلثَيه وللموصى له ثلثه، قياساً على المال كله، وهو قول معزوّ لسعيدبن المسيّب والحسن البصري.