للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الكبرى حول قصر عابدين، فلما جاء عهد ما بعد فاروق خرجت رائحة أسوأ منها فملأت البلاد وكانت غازاً خانقاً للعباد، كنا في شكوى الفسوق فصرنا في الصراخ من الكفر.

لمّا وصلتُ إلى دمشق رأيت لكل حزب أو جماعة ولكل مرشَّح كبير مركزاً انتخابياً بابه مفتوح والمرشَّح موجود فيه دائماً. وكان أكبر مركز انتخابي هو الذي أقامته رابطة العلماء في جامع تنكز، وهو الذي يُطِلّ على شارع النصر أقدم وأشهر شارع في دمشق، ويُطِلّ من شماليه على أكبر ميادين الشام، ميدان المرجة التي كانت رحبة البلد.

ولقد كتب الصديق الأستاذ نصوح بابيل عن هذه الانتخابات، ولكنه لم يُثبت فيما كتب إلاّ ما نشرته الجرائد. ونحن نعلم أن الكلام المنشور في الجرائد لا يصوّر دائماً الواقع المطويّ كله، لقد أغفل الأستاذ ذِكر العامل الأقوى في هذه الانتخابات، إنه وصف المعمل بآلاته وجهازه ولكن نسي المحرّك (الموتور)، وكان المحرّك هو «رابطة العلماء».

والعلماء لو استكملوا أمرين لكانوا هم قادة الشعوب الإسلامية في كل قطر وفي كل زمان، وهما: أن يكون عملهم لله لا للدنيا ولا للرياسة، وأن يدَعوا هذا الخلاف بينهم على الفرعيات وأن يكونوا صفاً واحداً.

ولقد تكلّمت فيما سبق عن إنشاء الجمعيات الإسلامية في الشام، وكنت عاملاً صغيراً فيها، حملت خبرها لمّا رجعت من مصر وقد شهدت فيها قيام جمعية الشبان المسلمين سنة ١٩٢٨. ولم تكن هذه الجمعيات بداية العمل الجماعي، بل كان قبلها

<<  <  ج: ص:  >  >>