للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

المشايخ. وكانت الرابطة بين الشيخ ومريديه أقوى من الرابطة بين أعضاء الجمعية وقادتها، حتى إن الصوفية جاؤوا بشيء لا يُقِرّه دين المسلم ولا يسيغه عقل العاقل، هو أن «يكون المُريد بين يدي الشيخ كالميت بين يدي الغاسل»، أي أنهم يريدون أن نكون أمّة أموات!

ومر بكم أني -على ضعفي وعجزي- حاولت لمّا عدت من العراق (سنة ١٩٣٩) جمع المشايخ والعاملين في حقل الدعوة الإسلامية فما أفلحت. وكنت كلما زار دمشقَ الشيخُ أمجد الزهاوي مع الشيخ محمد محمود الصواف جمعت لهما بطلب منهما كل العاملين للإسلام من أقصى الصوفية إلى أقصى السلفية، لأن صلتي بحمد الله بهم جميعاً صلة طيبة، أمشي معهم من مراحل الطريق ما يوافق طريقي ثم أسلك طريقي وأدعهم يسلكون طريقهم. ثم إنني لا أنازع شيخاً على مشيخته ولا رئيساً على رياسته، ولو عُرضت عليّ لرفضتها وامتنعت عن قبولها، بل لقد عُرضت فعلاً وصنعت هذا الذي قلت.

ثم لمّا رجع الشيخ كامل القصّاب -كما عرفتم- من منفاه ألّف «جمعية العلماء»، فضمّت المشايخَ جميعاً إلاّ «الجمعية الغرّاء». ثم كانت «رابطة العلماء»، وشملت هذه المرة الجميع، وكان رئيسها شيخنا الشيخ أبا الخير الميداني وكان نائبه السيد مكي الكتاني. تلك (أي الرابطة) هي التي قادت الناس يوم الانتخاب حتى صار الوطنيون يقدّمون أنفسهم للعامّة بلقب المشيخة: الشيخ لطفي الحفّار والشيخ صبري العسلي، لأن الزمن كان زمن المشايخ.

وأنا لا أمنع أن تتعدّد الجماعات الإسلامية، لكن بشرط أن

<<  <  ج: ص:  >  >>