للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

تكون كلها صادرة عن بداية واحدة، ماشية إلى غاية واحدة، يربط بينها التنافس على رضا الله لا التزاحم على الدنيا والجاه، وألاّ تقوم على أسلوب الأحزاب السياسية بل الجماعات الإسلامية. وإن كان الأَولى والأفضل أن يكونوا جماعة واحدة تمشي على الطريقة الواحدة النقية البيضاء التي تركَنا عليها رسول الله عليه الصلاة والسلام.

وأصدرت الرابطة قائمة مرشَّحيها، وكنت واحداً منهم. بتُّ في دمشق ليلة وصولي، ثم ذهبت من الغد إلى الاجتماع الكبير في جامع تنكز، وقد رُصّت المقاعد رصّاً في ساحته الواسعة جداً حتى لم يبقَ فيها فراغ لمقعد وامتلأت بالناس حتى لم يبقَ فيها مقعد فارغ، ووضعوا في صدرها سدة قعد عليها بعض أعضاء الرابطة وبعض المرشَّحين، وتداولوا المنبر يخطبون. فلما جئت أخطب استقبلتني الجموع بالهتاف العالي والتصفيق المستمرّ، ولكن تجهّمَت لي وجوه أكثر مَن هم على السدة وبدا عليهم أنهم كرهوا حضوري، وحاولوا منعي فما استطاعوا.

وشرعتُ أتكلم، فما راعني إلاّ ذراعان تلتفّان حول خصري وأنني أُحمَل من فوق المنبر فأُنزَل عنه! وضجّ الناس. وأذكر أن ممّن وقف معي وشدّ من أزري وبذل كل ما استطاع الإخوة الأفاضل الذين كانوا يوماً بين تلاميذي ثم صاروا من زملائي، بل غدوا أفضل مني، محمد القاسمي ووحيد العقّاد وعبد الرحمن الباني وأديب صالح، وأعادوني بالقوة إلى المنبر كما أُنزِلتُ عنه بالقوة وبالغدر، ورجعت أتكلم أعاتب مَن صنع هذا. وإنه لَيؤلمني أن أقرّر حقيقة ما كنت أتمنى أن تكون ولكن الأماني لا تدفع

<<  <  ج: ص:  >  >>