للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الواقع، هذه الحقيقة هي أن الإخوان المسلمين قد حاربوني في الانتخابات كما حاربتني الجمعية الغرّاء.

وأنا لا أعتب على الغرّاء بقدر عتبي على الإخوان لأنني لم أدّخر وسعاً يوماً في تأييدهم. وقد لبثتُ على ذلك بعد هذا الحادث، ولمّا قُتل الأستاذ الشهيد عبد القادر عودة وإخوانه كتبتُ مقالة طويلة عنوانها «هذا يوم الحداد» طُبع منها أكثر من تسعمئة ألف نسخة، وتُرجمت إلى اللغة الأردية ونُشرت في باكستان، ربما لخّصتها يوماً أو نشرتها في هذه الذكريات. ولقد بكى منها كل مَن قرأها، ما كتبتها ليشكرني الإخوان عليها بل لأجد عند الله ثوابها، فلا أمنّ بها ولا أطلب عنها بدلاً. وأيام الوحدة أذعت من إذاعة دمشق الرسمية خبر ما صنع الإخوان عند القناة وسمّيتهم بأسمائهم التي سمعتها من أخي وولدي الأستاذ كامل الشريف (ثم ألّف عنها كتاباً)، وخبّرني أخي الأستاذ نهاد القاسم رحمة الله عليه أن الرئيس جمال عبد الناصر غضب منها لما سمعها وبعث يؤنّب القائمين على الإذاعة لأنهم أذاعوها.

ولكن عذر الإخوان أنهم دوائر بعضها وسط بعض، فأنا معهم في الدائرة البرّانية (١)، فإذا جئنا إلى الدائرة الصغيرة الجوّانية أخرجوني عنهم. وهذا ما كنت أُنكِره، كنت أنكر على الجماعات الإسلامية أن تسير سيرة الأحزاب السياسية، كنت أحب منها أن تصادق لله وحده وأن تعادي لله وحده، وأن يكون سواء لديها مَن كان صالحاً وإن لم يدخل فيها ومن كان من أعضائها.


(١) كلمة «برّاني» و «جوّاني» فصيحة وردت في الحديث الصحيح.

<<  <  ج: ص:  >  >>