للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

إنَّ الفتى مَنْ يقولُ هأنذا ... ليسَ الفتى مَنْ يقولُ كانَ أبي

ألا تعرفون قصة فولتير مع النبيل الذي عيّر الكاتب بنسبه وفخر عليه بشرف أسرته، فقال له فولتير: "إن شرف أسرتك ينتهي عندك، وأسرتي يبدأ شرفها بي". فافتحوا في التاريخ صفحة مجد أنتم عنوانها، لا تكونوا حاشية مطموسة في ذيل صفحة مجد الجدود. اجعلوا شعاركم قول الشاعر:

نبني كما كانَتْ أوائلُنا ... تبني، ونفعَلُ مثلَما فعَلوا

بل نفعل فوق ما فعلوا. ولِمَ لا، وقد تيسّرَت اليوم الأسباب وفُتحت الأبواب؟ فهل فقد المسلمون بطولتهم؟ هل أضاعوا نصيبهم من إرث محمد ‘؟ أليست العزّة لله ولرسوله وللمؤمنين؟ بلى، ولا تزال العزّة لهم إن مشوا على طريقها وسلكوا سبيلها، وسبيلُها سبيلُ الله وسبيل رسول الله.

إننا نتحدث دائماً عن بدر والقادسية واليرموك وحطّين، وتلك الأيام الغُرّ لا في تاريخنا وحده بل في تاريخ البشر، فهل فقدنا العزائم التي انتصرنا بها في تلك الأيام؟

لقد ظفرنا في عشرة آلاف معركة خضناها، نثرنا فيها شهداءنا نثراً في كل بقعة من الأرض وتحت كل نجم في السماء، ثم سقينا أجداثهم بدمائنا، سقينا الصحارى المتسعّرة الرمال في بلاد العرب وفارس وإفريقيا، وجنان الشام والسهول الممرعة في مصر والعراق وفي أرض فارس، والأفغان والهند وأطراف الصين، وفي شواطئ البحر المتوسط التي كانت كلها أو جلّها لنا وكان هذا البحر يُدعى تارة بحر العرب وتارة بحر الروم، وفي

<<  <  ج: ص:  >  >>