للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

كلهم خافوا منها، والخائف الذي يواجه الخطر إما أن يفرّ منه أو أن يحاول دفاعه أو أن يستسلم له. أما الآن وقد زالت صدمة المفاجأة وألِفَت أبصارُنا النظرَ فيما حولنا، فلم نعُد نخافها فنحارب كل ما فيها حتى الحقّ من العلم والنافع من المستحدَثات، أو نمشي معها فنأخذ كل ما فيها حتى الفسوق والعصيان والفواحش والتأميم والشيوعية. لقد تعلّمنا علومهم وصار منا مَن هو فيها مثلهم. ولقد سردت في المحاضرة مشاهدات مما رأيت في ألمانيا وبلجيكا وهولندا، رأيت في المستشفيات أطباء كباراً من العرب ورؤساء أقسام فيها يمشي وراءهم ويتبع خطاهم ويستنير بعلمهم أطباء من تلك البلاد، ورأيت مهندسين وعلماء في الجامعات يُعترف بفضلهم ويقدّرهم أهل تلك البلاد. ولمّا ألقيت المحاضرة كانت تجرِبة المراكب الفضائية جديدة، وقلت لهم إن الذي يوجّه هؤلاء ويدرّبهم ويعلمهم هو شابّ مصري من الزقازيق أبوه شيخ اسمه فاروق الباز، وأنا لا أفرح أن يذهب علماؤنا والنابغون منا فيفيدوا بعلمهم ونبوغهم غيرَنا، ولكن أمثّل بهم على ما قلت من أننا عرفنا ما عندهم فلم نعُد نخافهم.

* * *

وبعد، فإن العاقبة للتقوى: {وإنّ جُنْدَنا لَهُمُ الغالِبونَ}، وإن هذا الدين محفوظ بحفظ الله: {إنّا نحنُ نَزّلْنا الذِّكرَ وإنّا لهُ لَحَافظونَ}. فلا خوف ياأستاذ على الإسلام؛ لقد مرّت به مِحَن شِداد وأيام أقسى من الأيام التي مرّت بها مصر من سنة ١٩٥٢ إلى الآن، ولكن الإسلام خرج منها ظافراً: يوم الردة، يوم رمَت قبائلُ العرب الإسلامَ عن قوس واحدة وقالت:

<<  <  ج: ص:  >  >>