للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

يكون عنده من خيار المسلمين مجلس إسلامي، والطعام طعام شاميّ، والحاج أحمد أحسن من كان يطبخه في بيروت ويقدّمه في قهوة الحاجّ داود، والشاي الأخضر بالعنبر بعده، والصلاة جماعة وبعد الصلاة مجلس فيه فائدة أو موعظة فيها نفع. ونزلتُ مرة في غيره لأني وجدت السطح مشغولاً، وكان الفندق الذي نزلت فيه معدوداً من فنادق الدرجة الأولى، فما كان مني إلاّ أن ذهبت إلى ساكن السطح الذي ألِفتُ المبيت فيه فأعطيته غرفتي في الفندق الكبير، وأخذت هذا السطح بغرفه القديمة وأبوابه التي لها صرير.

وكنت أنزل تارة فندقاً يطلّ على ساحة البرج على يمين المتوجّه إلى البحر، يوم كان البرج قلب مدينة بيروت وكان فيه ملتقى خطوط الترام ومواقف السيارات وكان مجتمع الناس، وكان معي في تلك السفرة زميلي في المحكمة القاضي الشيخ مرشد عابدين، فقلت لصاحب الفندق: إن الغرفة التي تعوّدت النزول فيها مطلّة على الساحة وفيها ضجيج لا يدعني أنام، فأعطِنا غرفة في الجهة الأخرى. فأظهر الدهشة والعجب وقال: كيف تنزل في تلك الغرفة؟ فما فهمت سرّ سؤاله وحسبت أنه لا يرتضيها لي لأنها من غرف الدرجة الثانية، فأصررت عليها لأنني فضّلت هدوءها الذي قدّرته على فخامة الغرفة الأولى مع ضجيج الساحة. فلما خضع لرأيي ونزلنا الغرفة عرفت سرّ امتناعه؛ ذلك لأن نوافذها تطلّ على عمارات «المحل العمومي» الذي لم نكن نعرفه. وأنّى لي وأنا شيخ وقاضٍ شرعيّ وأنّى لزميلي وهو مثلي أن نعرف هذا المكان؟

<<  <  ج: ص:  >  >>