للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

بدقيقة لا تُقبَل منه صلاته؟ فلماذا علّمَنا الدينُ ضبطَ المواعيد ثم أقمنا حياتنا على الإخلال بها؟ ألم يقُل الرسول عليه الصلاة والسلام: آية المنافق ثلاث، منها أنه إذا وعد أخلف؟ فلماذا يعمّ الخُلف مواعيدَنا؟ مواعيدنا الشخصية، ومواعيد حفلاتنا واجتماعاتنا، ومواعيد دعواتنا وولائمنا؟ ولماذا أخذ هذه الحسنةَ منا غيرُنا وتخلّينا نحن عنها؟

وعلَت بنا الطيّارة فرأيت منظراً عجباً؛ رأيت كأن تحتي خريطة كبيرة مجسَّمة لقبرس (قبرس بالسين لا بالصاد) وطرف إيطاليا، فقلت: لا إله إلا الله، سبحان الذي سخّر لنا هذا وما كنا له مقرنين. سخّر لنا الفُلك تجري في البحر بأمره، وسخّر لنا الخيل والبغال والحمير، وخبّرنا أنه يخلق ما لا تعلمون. من قال لمحمد ‘ -الذي عاش في بلد ما فيه مدرسة ابتدائية والذي لم يتعلم كتابةَ اسمه والذي لم يسمع بأرسطو ومن قبله أفلاطون- أن الله سيخلق غير هذه المراكب التي نراها؟

ثم سرنا فوق البرّ الأوربي فرأينا من تحتنا البلاد والقرى والجبال والبحيرات والطرق، منظر عجب كنت أغمض عيني تارة فأتصور أني أرى ذلك في منام. ألم يرَ كثير منكم في المنام أنه يطير على وجه الريح ويرى الدنيا من تحته؟ لقد حقّق الله هذا الذي كنا نراه بالأحلام! ثم هبطنا في ميونخ (التي يسمّونها مونْشِنْ) لمشاهدة الجوازات والإذن لنا بدخول البلاد، فوجدنا مطاراً هائلاً ومعاملة كريمة وثقة بالغة. ولم تكن يومئذ قد ظهرت بدع خطف الطائرات، ولا كانت مظاهر الإرهاب وإيذاء الركاب.

<<  <  ج: ص:  >  >>