للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

طائرتنا، ولكني كنت في ظلمات من الجهل بعضها فوق بعض: جهل بالمكان، وجهل بالسكان، وجهل باللسان؛ فتركت الطائرة تُفلِت مني وبقيتُ في مكاني، فلم يبق إلاّ أن أبيتَ في فرانكفورت لأركب طائرة أخرى إلى بروكسل من الغد.

وأخذَنا السيد باقر جزاه الله خيراً معه في سيارته إلى فندقه. وكان قد حجز له غرفة في فندق كبير، وكان في البلد معرض لست أدري ما هو كَثُرَ بسببه زوّار البلد حتى ضاقت بهم فنادقها، فحاول أن يجد لنا في فندقه غرفة فما استطاع، فترك عمله -أحسن الله إليه- وذهب معي في سيارته حتى وجد لي غرفة في فندق آخر، دون الذي ينزله هو وفوق الذي كنت أطلبه أنا، والشرط أن يكون في الغرفة حمّام حتى لا أُضطرّ إلى الخروج منها ومشاركة مَن لا أُحبّه في مرافقها، وهذا شرط أصرّ دائماً عليه ولا أقدر أن أتنازل عنه.

فاختار لي الغرفة، وكلّم هو وعميله مديرَ الفندق أمامي فأمر بإصعاد المتاع إليها لنصعد نحن بعدها، فلما رأيناها وجدناها بلا حمام، فعدتُ إلى صاحب الفندق أكلّمه فلا يفهم عني. وكان كهلاً ألمانياً عصبياً حديد المزاج سريعاً إلى الشجار، وكنت في هذا كله مثله، بل كنت أكثر منه! فاختلفنا، وتركت الغرفة وخرجت أشتمه بلساني فتذهب الشتائم كالطلقات الطائشة من الرشاش تذهب في الفضاء فلا تصيب أحداً!

بلغنا الشارع ووقفنا فيه، ولم نعرف لنا مذهباً نذهب إليه. وماذا أصنع وأنا في بلد غريب ولا أعرف فندق صاحبي لأذهب

<<  <  ج: ص:  >  >>