للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الخروج منها والدخول إليها فيكون القطار كأنه يمشي في حفرة من الأرض، ثم ننزل من المحطة على درجات فنصل إلى الشارع.

دَلّوني على القطار الذي ينبغي أن أنتقل إليه فإذا بيني وبينه حفرتان من هذه الحفر التي تمشي فيها القطارات، أي أن عليّ أن أنزل إلى الشارع ثم أصعد من الجهة الأخرى حتى أبلغ القطار الذي أريد. وكانت حقائبي ثقيلة فحرت ماذا أصنع، وإذا بشابّ عريض المنكبين قويّ الساعدين يتدفق صحّة وقوة، فسألني بالإشارة عن القطار الذي أريد فأشرت إليه، فأمسك بالحقيبتين باليدين وقفز قفزة واحدة من جانب إلى جانب وأتبعها بقفزة أخرى، وأشار إليّ أن أنزل أنا بالدرَج. فنزلت وأنا ألهث من التعب وزوجتي معي حتى صعدنا، وخفت «سوء الظنّ من أغلى الفِطَن» كما يقولون) أن يذهب بها، وإذا هو قد وضعها لي في غرفة القطار وأمرني أن أصعد، وبدأ القطار يتحرّك فمددت يدي إليه بشيء من المال، فجعل يشكرني بوجهه الذي انطلقت منه الأسارير وضحكته التي بلغت أقصى الخدّين ولسانه الذي تدفّقت منه الكلمات وإشارات يديه.

فعجبَت زوجتي وقالت: كم أعطيته؟ قلت: أعطيته ماركاً ونصف المارك. قالت: هذا الشكر على أكثر من ذلك، فاحسب ما معك. فما عرفت كيف أحسب، قلت: إذا رجعنا حسبنا. فلما رجعنا وحسبت ما كان معي وجدت أنني لم أعطه ماركاً ونصف المارك بل أعطيته مئة وخمسين ماركاً، لذلك كان منه هذا الشكر العجيب.

هنالك اطمأننت لأني علمت أني لن أنزل من مركبي إلاّ في

<<  <  ج: ص:  >  >>