فهو أخذ عشرين ثم تزوّج فدفع منها مهراً، وأخذت هي عشرة ثم تزوّجَت فأخذت مهراً فوقها، ثم أخذ ينفق هو على بيته وزوجته وهي ينفق عليها زوجُها، فيتوفر ما معها وينقص ما معه هو، فلا تمرّ مدّة حتى تنقلب الحال فتصير هي ذات العشرين ويبقى له هو العشرة أو لا يبقى له شيء.
وأما الشهادة في المحكمة وأن شهادة اثنتين تعدل شهادة واحدة، فلست أدري لِمَ يحرص النساء عليها ولم الاحتجاج على وضعها، والشهادة تكليف لا تشريف، ومهمّة ثقيلة يفرّ العقلاء ما استطاعوا منها ولا يحرصون عليها. وما نفعها في أن تُدعى إلى المحكمة فتدع عملها وتترك بيتها، ثم تنتظر في المحكمة دورها وتُسأل أمام الناس فتجيب، وتُناقَش فتنجو أو تعجز؟ أليس من الكرامة لها أن يُخفَّف هذا الحمل عنها؟ ثم إن الجواب أن أكثر دعاوى المحاكم دعاوى مالية أو اجتماعية، أقول هذا وقد مارستُ القضاء من أدنى درجاته إلى أعلاها فخرجت وأنا مستشار في محكمة النقض في القاهرة ومن قبل ذلك في الشام. والمرأة ببعدها عن المجتمع لا تعرف عنه ما يعرف الرجل ولا تذكر منه ما يذكر، لأن الانتباه مرتبط بالمصلحة، والمرأة لا مصلحةَ لها في شيء من هذا. ومَن درس علم النفس أو قرأ نظرية طاغور، الكاتب الهندي الذي لم يكن عربياً ولا مسلماً، وجد عنده تأكيد هذا الكلام حين يجعل لكل امرئ عالَمه الضيق من عالَم الله الواسع، يعيش فيه ولا يكاد يخرج بفكره واهتمامه عنه. هل تنتبهون وأنتم تطالعون جريدة الصباح إلى مواعيد وصول البواخر إلى الميناء وإبحارها منه؟ أمّا التاجر الذي ينتظر وصول البضاعة فإن أول ما يقرؤه من الجريدة