للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الطريق. فهَبْهُم من المؤلَّفة قلوبهم الذين يُعطَون من مال الزكاة، ونحن لا نسألك أن تعطيهم شيئاً من المال بل أن تعطيهم نافعاً من الأقوال.

قلت: وهل أذهب فأقعد معهم على الأرض على ما هم فيه من الرجس والنجس؟ قالوا: لا، بل يأتون هم إلى المسجد. قلت: وهذه أسوأ؛ المسجد طاهر نظيف لا يدخله إلاّ نظيف طاهر. قالوا: نشترط عليهم أن يتنظفوا ويغتسلوا ويبدّلوا ثيابهم والمرأة تستتر. قلت: وهل معهم امرأة؟ هل تريدون أن يكون بينهم في المسجد مثل الذي رأيناه في الشارع؟ قالوا: معاذ الله، بل هي طالبة في الجامعة تكتب وتنشر ولها في بلدها قرّاء وأتباع، وهي تأتي بالثوب السابغ والخمار (الإشارب) الساتر. قلت: نعم إذن.

فضربت لهم موعداً، فجاؤوا فيه ما تقدموا عنه ولا تأخروا. وكانوا ثلاثة ورابعهم فتاتهم، وكانوا جميعاً بالثوب النظيف وكانت هي بالحجاب المقبول. وفهمت لمّا عرّفوني بأنفسهم أن واحداً منهم أستاذ في جامعة له مكانة مرموقة وله مصنَّفات، ورأيته قد جاوز ميعة الشباب وكاد يدنو من مطالع الكهولة، والاثنان والبنت من طلاّب المرحلة الأخيرة من الجامعة. ودرت بهم في المركز، واخترت أن نجلس في غرفة الاستقبال على أرائك مريحة حول منضدة فسيحة على جدرانها الكتب، ففضّلوا أن يجلسوا في المسجد على الأرض، وجلست معهم لكنني استندت إلى الجدار، لأنني لا أستطيع أن أقعد طويلاً من غير سناد، لذلك أحمل معي إلى الحرم عندما أنوي إطالة القعود فيه خشبة مطوية طي الكتاب.

<<  <  ج: ص:  >  >>