للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

المسلمون الذين فتحوا بالإسلام وللإسلام ما بين قلب فرنسا وقلب الهند، ولولا أننا خالفنا عن أمر ربنا فجعلنا لشارل مارتل (١) سبيلاً إلى كسب المعركة في بواتيه (٢) لوصلنا القسطنطينية وطوّقنا عنق أوربا بأغلى عقد تزدان به الأعناق.

إنك إن استثنيت معركة حُنين مع هوازن وعَشراً أُخَر من عشرات الآلاف من المعارك التي خضناها لم تجد المسلمين إلاّ أقلّ من عدوهم عدداً، وأضعف عُدَداً، وأقلّ عتاداً ومَدداً. فَبِمَ انتصروا؟ لقد كان قُوّاد الروم والفرس ممّن درس فنون الحرب وتاريخ المعارك وسِيَر الأبطال، ففي أي كلية عسكرية درس ذلك خالد بطل اليرموك، وسعد بطل القادسية، وابن العاص، وعقبة، وموسى، وطارق، والمهلَّب؟

لقد فتح قُتيبة من الأرض أوسعَ ممّا فتح نابليون، ولكنّ ما فتحه نابليون عاد إلى أهله وما فتحه قواد الإسلام بالإسلام وللإسلام بقي للإسلام. أين الذين غُلبوا في معارك الفتوح في الشام ومصر والعراق وفارس والهند وإفريقية، أين هم؟ إنهم هم الذين يسكنون اليوم هذه البلاد، لكنْ ليس منهم مغلوب وليس فيهم غالب؛ الإسلام جعلهم إخوة، إخوة لا إخواناً ولا أصدقاء،


(١) هو جد شارلمان.
(٢) هُزم الجيش المسلم في معركة «بلاط الشهداء» سنة ١١٤هـ (٧٣٢م) واستُشهد قائده عبد الرحمن الغافقي. وقد وقعت المعركة بين بلدتَي تور وبواتيه على بعد يقلّ عن مئتَي كيلومتر إلى الجنوب من باريس (مجاهد).

<<  <  ج: ص:  >  >>