للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

بل إن رابطة الإسلام أقوى من رابطة الأخوّة بين الأشقّاء الذين ولدتهم أم واحدة من أب واحد.

* * *

لو كنتم معي أيام الثورة لقرأتم كل يوم اسم «جسر تورا» في البرقيات يبعثها المراسلون وفي أعمدة الصحف، ولم أذكر الإذاعات لأنها لم تكُن يومئذٍ إذاعات. فهل يعرف أحد منكم ما جسر تورا؟

«تورا» أحد أبناء بردى، نهر (أو ترعة بالاصطلاح المصري) عرضه لا يبلغ خمسة أمتار، عليه جسر صغير كانت تمر عليه الحملة فلا تكاد تجوزه حتى تُرَدّ عنه. من يردّها؟ جيش نظامي كجيش المارشال جوفر عند المارن (١) في الحرب الأولى؟ أم قوة مثل قوة الروس في ستالينغراد (٢) في الحرب الثانية؟ لا، بل أفراد من الثوّار ما لهم خنادق كالتي يعرفها الجند ولا حصون كحصونهم ولا سلاح كسلاحهم، ما معهم إلاّ البنادق وقليل من العتاد وما يحميهم إلاّ «الدكوك». و «الدكّ» جدار البستان، وهو تراب يُدَكّ دَكاً ويُكبَس كبساً، فإذا جفّ صار كالحجر.


(١) كانت المعركة في أيلول (سبتمبر) ١٩١٤، وهي التي ردّت الألمان عن باريس.
(٢) مدينة البلغار التي يذكرها الرحّالة المسلمون هي ستالينغراد أو هي بجوارها، فمن كان عنده علم محقَّق فليكتبه. وهي غير حكومة البلغار المعروفة. بلغاريا هذه في البلقان، ومدينة البلغار في روسيا، وأول رحّالة كتب عن روسيا هو «ابن فضلان»، وطبع رحلتَه مجمع دمشق.

<<  <  ج: ص:  >  >>