بكى شاعرُنا الزركليّ رحمه الله ما حلّ بالشام بعد ميسلون وبكينا معه، فدعنا نبكي العربيةَ التي ذلّت وهانت، نبكي الزمانَ الذي كان يقول فيه تلميذ في الإعدادية مثل هذا الشعر.
فهل أجد إن ذهبت إلى الشام هؤلاء الإخوان؟ هل أركب الترام إلى الميدان فأمضي إلى جامع الدقّاق فأستمع خطبة شيخنا الشيخ بهجة البيطار ثم أصلّي وراءه، ثم نمشي معه إلى داره التي نلقى فيها دائماً المائدة منصوبة ونجد فيها مجمع الإخوان، ونخرج منها بفوائد تنفعنا في ديننا ودنيانا؟ وأنّى؟ وقد خُلع خطّ الترام فلم يعُد يمشي، وتوفّى الله الشيخَ بهجة فلم نعُد نراه، وخرج أهله إلى ظاهر الميدان إلى الحي الجديد. وهل أجد أنور العطار، صديقي من سنة ١٩٢٠، رفيقي الذي سار معي أكثر طريق العمر، عمري وعمره؟ ونحن سَنينان مولودان في سنة واحدة، ولكنه تركني ومشى وحده. أستغفر الله، بل دعاه الله كما سيدعوني بعده، ومن دعاه الله أجاب، لا يملك خياراً ولا يستطيع اعتذاراً ولا يجد فراراً.
إنني كلما قرأت هذه الآيات خشع قلبي وارتعدَت فرائصي، ثم أنسى وتشغلني الشواغل التافهة عن رؤية الحقيقة الكبرى. ما نسبة كفّ الإنسان إلى عرض السماوات والأرض؟ ولكن إذا أدنيتَ كفّك من عينك حجب عنك السماوات والأرض؛ كذلك تشغلنا التوافه عن الحقيقة الكبرى.
هذه الآيات:{فلَوْلا إذا بلَغَتِ الحُلْقومَ، وأنتمْ حينئذٍ تَنظُرونَ، ونحنُ أقربُ إليهِ مِنكُم ولكنْ لا تُبصِرونَ}. نحفّ