ذلك موقفه يوم قبض رسول الله عليه الصلاة والسلام، ويوم توجيه جيش أسامة، حيث جزع عمر وثبت أبو بكر، ووثب إليه فأمسك بتلابيبه وقال له: أجبّار في الجاهلية وخوّار في الإسلام؟ أنا أحلّ لواءً عقده رسول الله ‘؟ لقد قوي الإسلام، واللهِ لو انفردَت سالفتي لَما رددتُه ولَما قعدت عن نصرة الإسلام.
فيا أيها الدعاة، لقد ضعتم وضيّعتم معكم الشباب! إن الله سيسألكم عنهم، فبماذا تُجيبون ربّ العالمين إذا قال لكم: لقد أنزلتُ عليكم كتاباً واحداً وشرعت شرعة واحدة وديناً واحداً، ففرقتم دينكم وكنت شيعاً: صوفية وحرباً على الصوفية، ومتمسكين بالمذاهب ومعرضين عنها، ومن أمثال ذلك كثير، وكلٌّ يدعو الشباب إلى مذهبه وطريقته.
لقد علّمَنا الرسول عليه الصلاة والسلام أن الإسلام بُني على خمس، على خمس قواعد راسيات راسخات، فأقمناه على أعواد لا تحمل البناء، شغلناهم بالفروع عن الأصول، أوجبنا عليهم أشياء لم يوجبها الله وحرّمنا أشياء ما حرّمها الله، تمسّكنا بالفروع حتى جعلناها أصولاً وأهملنا بعض الأصول لنحفظ هذه الفروع، مزجنا كلام المعصوم الذي لا ينطق عن الهوى بكلام ناس ما كانوا معصومين، سخّرنا المنابر التي هي لله وحده لا يجوز أن يُلقى منها إلاّ: قال الله أو قال رسوله، أو شرح ما قال الله وما قال الرسول وما أجمع عليه المسلمون، فجعلنا منها خطباً للسياسة وأهلها وللأهواء وأصحابها.