الموز أيقنت أن قدرة الله أكبر من أن تحبس الجمال كله بين جبلَي الربوة. وأنت حين ترى المشهد من مشاهد الطبيعة تظن أنه أجملها وأنه لم يُخلَق مثله، فإن رأيت غيره بدّلت رأيك فيه.
انظر إلى من يسمّونهن ملكات الجمال: يختارون من كل بلدة أجمل مَن يجدون من نسائها. وربما أساؤوا الاختيار، وربما كان في البيوت أجمل منها جمالاً وأشدّ فتنة وأخفّ روحاً وأقرب إلى قلب مَن يراها، ولكنهم جعلوا للجمال مقاييس مادية حسبوا أنها هي ميزانه، وما دروا أن الجمال لا يُوزَن ولا يُقاس إلاّ بمقياس أولي الأذواق من الناس. فإذا اجتمعن لم تعُد تدري مَن هي أجمل منهن.
وليس الجمال للنساء وحدهن؛ فالشيخ المشرق الطلعة النوراني الوجه الأبيض اللحية جميل، والعجوز الطيبة القلب الباسمة الفم الحسنة الخلق جميلة، والرياضي القوي البنية المشدود العضل العريض المنكبين جميل. وكذلك الحال في مشاهد الكون ومجالي الطبيعة، فمنظر تراه تحسّ أنه كالفتاة الحلوة، ومنظر كالشيخ الذي له براءة الطفولة، ومنظر الغانية المتبرّجة التي تستهوي النفوس ولا تروق القلوب. وما ذكرت مسابقات الجمال لنصنع مثلها ولا لنقتدي بها، فنحن لا ننظر إلى امرأة طمثها قبلَنا غيرنا، ولا نجعل النساء سلعة معروضة وعلامة نضعها على علب المتاع لنروّجها في الأسواق، ولكن جمال النساء عندنا لأزواجهن.
رأيت هذا الوادي قد جمع الجمالَ من أطرافه؛ نهر كبير يجري فيه، وصخور مُخْضَرّة تقوم على جانبَيه، وقُرى صغيرة