للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

يُحتاج إليها بعد أن جاءت المحرّكات الكهربائية.

* * *

قلت لكم إننا بقينا في فولندام أكثر النهار، فرأيت أن من كان فيها يعيش في الدنيا وهو ليس فيها، يجد كل ما يحتاج إليه ولكن لا يجد ما هو أكثر منه ولا يصل إليه؛ حاجات مضمونة، ومناظر جميلة، ومساحة محدودة، ومشاهد معدودة، فهي تصلح لمن شاء العزلة الهادئة.

ورأيت مكاناً في ألمانيا أعجب منها هو مونْشَاوْ، وهي في شقّ من الأرض لا يبلغ أن يُعَدّ وادياً، فالوادي قطعة من الأرض بين جبلين مرتفعين، وهذه حفرة بين أرضين لا يرى منها السائر على الطريق شيئاً ولا يشعر بها، ولكن الذين يقيمون فيها لو سكنوا إليها واكتفوا بما فيها لم يشعروا بالطريق ولا بمن يمرّ فيه. ولا أستطيع أن أصف مونشاو وصفاً ناطقاً يُغني عن رؤيتها لأني ما رأيت منها إلاّ ساحتها، وفيها سوق صغيرة تبيع تحفاً فيها ذكريات للمكان. فيا ليت هذه الأسواق تكثر عندنا في كل بلد يقصده السياح. ورأيت ازدحاماً وسحناً مختلفات وسمعت ألسنة متعددات، ذلك أنها من مقاصد السياح، وعلى جانبَي الساحة أرض مثل الدرَج بعضها أعلى من بعض، ترى البيوت فيها كأنها عمارة واحدة من عشرات الطبقات.

ورأينا في مدينة نسيت اسمها بَحرةً (١) يسكن أهلها في رأس


(١) البحرة مجموعة مساكن، ولعلّ المكان الذي بين جدة ومكة من هذا القبيل.

<<  <  ج: ص:  >  >>