للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ولقد غفلَت مرة عن إشارة إلى طريق فرعي علينا أن نسلكه فاضطُررنا أن نمشي بعده سبعين كيلاً (أي كيلومتراً) لندرك فتحة أخرى. وللطريق ثلاثة مسارب أو أربعة أحياناً، كما هي الحال عندنا في المملكة، فمن كان مبطئاً مشى في أيمنها ومن كان مسرعاً مشي في أيسرها، وقد وقع لنا مرة أن الشاب الذي يسوق سيارتنا أضاع الطريق فوقف ليسأل -على زعمه- أحد السوّاقين الذين يمرّون به، فأقام علينا القيامة وجاءتنا سيارات الشرطة مسرعة، وأخذوه يبدؤون التحقيق معه لأنه بوقوفه قطع السير وأخلّ به، وكاد يسبّب للسالكين المهالك.

وهولندا مشهورة بالبقر السمين وبنوع من الورد، الزنبق (تيولب) اختُصّت به، وبطواحين الهواء. أمّا البقر فقد رأيناه كثيراً، ومن لم يرَه في هولندا استطاع أن يراه هنا لأن وزارة الزراعة استقدمت هذا النوع من البقر الهولندي فوضعته تحت أيدي الفلاحين، فأحسنوا رعايته والعناية به. ولا تعجبوا فإن المملكة التي هي صحراء غير ذات زرع صارت تكتفي من القمح بما تُنبته أرضها، بل تصدّره إلى غيرها، وآخر ما تتحدث به الصحف والإذاعات إهداؤها هذا المقدار العظيم منه إلى أختها مصر. والبلاد التي كانت تصدّر القمح إلى روما وغيرها مما هو أدنى أو أبعد منها جاء عليها زمان صارت تستورده، ذلك لمّا هبّت عليها هذه الرياح العاتية المهلكة المدمّرة، رياح الشيوعية، وإن غيّرَت زيّها وبدّلَت ثوبها واسمها فتَسمّت بالاشتراكية.

وأمّا الورد فقد جئنا هولندا في غير موعده فلم نرَه، وأما طواحين الهواء التي كانت شعار هولندا فقد قلّت جداً ولم يعُد

<<  <  ج: ص:  >  >>