للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الأرض حول الشمس، والجمهور منا ما أحسّ بها وبقي يعيش بعد دخولها كما كان يعيش قبله. ولكن الجمهور عندنا كان يسير دائماً وراء المشايخ حيثما ساروا، يأتمر بأمرهم ويسمع منهم.

الشبان حجّتهم أن أصحاب هذه الحضارة أقوى منا وأرقى، فكل ما عندهم إذن خير ممّا عندنا. والمشايخ حجّتهم أنهم كفرة لا يدينون دين الحق، والكفر شرّ فكل ما يأتي من عندهم إذن شر. وكلا القولين خطأ وما لأحد منهما حجّة فيما احتجّ به؛ فما يُقاس الحُسن والقبح بمصدره الذي صدر عنه، ولا يُعرف الخير من الشرّ بمنبعه الذي جاء منه، بل يُعرف حُسنه وقبحه وخيره وشرّه من ذاته ومن صفاته، فقد نرث عن آبائنا رأياً أو عادة ويكون فيها الضرر، وقد نستورد رأياً أو عادة من عند غيرنا ويكون فيها النفع.

فكيف -إذن- نميّز الحسن من القبح والخير من الشر؟

الجواب: نميز بما أودعه الله فينا من عقول، فإن أخطأت العقول الطريقَ نفتّش عن النور الذي يدلّها عليه ويسيّرها فيه، ويكفل لها بلوغ الغاية فلا تضلّ عنها. وهذا النور هو الشرع. فالميزان هو العقل المهتدي بهدي الشرع.

* * *

الشيخ بدر الدين الحسني كان شيخ العلماء وكان يُدعى المحدّث الأكبر، كتبت عنه في «الرسالة» حين وفاته (سنة ١٩٣٥) وكتبت عنه بعد ذلك (في مجلة رابطة العالَم الإسلامي سنة ١٩٦٥)، فلن أفيض الآن في الكلام عنه، لكن أقول: إن دنياه

<<  <  ج: ص:  >  >>