للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

كلها كانت داره والجامع الأموي ودار الحديث التي انتهت إليه مشيختها، وما كان من أصحاب الحركة والتجوال. فلما قام الشيخ علي الدقر والشيخ هاشم الخطيب بما دُعي بنهضة المشايخ، ورأى إقبال الناس عليهما وانتفاعهم بهما، لا سيما أهل حوران والبلقاء (في شرقي الأردن) سرّه ذلك منهما وشجّعهما، فسألاه أن يجول معهما في مدن سوريا يعظون الناس، يدلّون على الله، يأمرون بالمعروف، ينهون عن المنكر. فمشى معهم، وكانوا إذا شارفوا البلد خرج الناس لاستقبالهم وساروا وراءهم، فيبدؤون بالمسجد فيعظون ويعلّمون ويحثّون على الجهاد، يبيّنون أحكامه وحالات وجوبه.

وكانت هذه الجولة هي الشرارة التي أشعلت الثورة. لا أقول هذا من عندي ولا نقلاً عن الثقات العارفين من مشايخي وصحبي، كلهم يعرف هذا ويعرفه كل من أدرك تلك الأيام، ولكن أنقله عن تقرير رسمي لمندوب المفوّض السامي الفرنسي، نشرته جريدة «الأحرار» في بيروت العدد ٦٧٨ الصادر في الثاني من شعبان سنة ١٣٥٤ هجرية.

وهذه المذكّرات التي بين يدي كتبها بطلب منّي الشيخ محمد إسماعيل الخطيب، وكان مع نفر من إخوانه أولَ من خرج إلى الغوطة. وكان عزمي على تنقيحها لأنها مكتوبة بلغة عامية لا يكاد يفهمها إلاّ الشامي، ثم نشرها. وأحببت أن أتحقّق منها قبل النشر، فاتصلت بأكثر من استطعت الاتصال بهم ممّن ذُكر اسمه فيها، وسألته عما جاء من خبره في هذه المذكّرات، فما اختلف قول واحد منهم. فوثقت من صدقها، ولكني لم أنشرها؛ بسبب

<<  <  ج: ص:  >  >>