للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الذكريات وسردت تاريخاً ممتلئاً بالأرقام، ذلك لأن هذا التاريخ يجهله أكثر من يقرأ الجريدة ومن الواجب أن يعرفوه. أما ما كان بعد سنة ١٩٥٤ فتسألون عنه الأخ محمد عمر توفيق، الذي كان وزير المواصلات وكان قُطب رَحى المفاوضات، هو العارف بما انتهى أمره إليه.

أما نحن الأدباء فلا نملك إلا ألسنتنا وأقلامنا. ورُبّ لسان أو قلم جلب نفعاً لأمة من الأمم أو سبّب لها الضرر. فما لأدبائنا لا تجري أقلامهم ولا تنطلق ألسنتهم بالكلام على هذا الخط: بوصف مأساته، بالدعوة إلى مداواته إن وثقنا من استمرار حياته أو رثائه إن تحقّقنا من مماته؟ هل كان الذين قبلنا من أدبائنا أقدر على القول منا أم كانوا أكثر اهتماماً بشؤون أمتنا؟ هذا ابن أَيْبك الصفدي (الذي توفّي سنة ٧٦٤هـ) يصف في كتابه «حقيقة المجاز إلى الحجاز» الطريق الذي مشى فيه ركب الحُجّاج من قبّة يَلْبُغا في ظاهر دمشق.

ومسجده معروف فيها، في ساحتها الكبرى التي تقوم في وسطها «المرجة». ولمّا كنت تلميذاً في الابتدائية في أواخر أيام الحرب الأولى كان نصف المسجد الشمالي (وفيه المنارة العالية) قد جُعل مدرسة كنا نتعلم فيها، وتُرك نصفه الآخر مسجداً. وكان يفصل بين النصفين حاجز من الخشب يمرّ من فوق البِركة الكبرى، فكان التلاميذ الصغار ينظرون من شقوقه لمن يتوضأ من البركة، وربما نظروا لمن يُسيء الأدب من الناس فيبول حولها أو يستنجي فيكشف عن العورة (التي حرّم الله كشفها) في بيت الله!

<<  <  ج: ص:  >  >>