بناء كبير بقي سالماً على مر الزمان. ولبُصرى أخبار امتلأت بها كتب السيرة والتاريخ، قدمها رسول الله ‘ المرة الأولى مع عمه ولقي فيها بَحيرا الراهب، ويقولون إنه عرف أنه النبي المنتظَر، مع أنه ‘ هبط عليه الوحي في حراء وقال له «اقرأ» ولم يعرف تماماً أنه النبي المنتظَر.
وما زعموا أن بَحيرا قد عرفه وأن جده عرفه وأن أمه لمّا حملت به قد عرفته، وما جاء في «المولد»(الذي كان يقرؤه بعضُ مشايخنا) من أن الوحوش تباشرت بمولده وعرفَته ... كل ذلك لم يثبت ولم يقُم عليه دليل، بل إنه ‘ لمّا جاءه جبريل ذهب مضطرباً إلى خديجة حتى أخذته إلى ابن عمّها ورقةبن نوفل. فإذا كان هو نفسه لم يعرف فكيف عرف هؤلاء كلهم؟ والله تعالى يقول له:{ما كُنْتَ تدري ما الكِتابُ ولا الإيمانُ}.
وعلى المسلم أن يحب الرسول عليه الصلاة والسلام أكثر من حبه لأهله وولده ونفسه التي بين جنبيه، ولكنْ حبَّ الطاعة والامتثال لا حبَّ الغزَل والهيام. وله مما أكرمه الله به من المزايا التي لم يُؤتِ أحداً من بني آدم مثلَها ما يُغنيه عن أن نمدحه بافتراء الأخبار المكذوبة عليه.
* * *
وقيل في بُصرى شعر كثير تجدون عند ياقوت مثالاً عليه، كقول الصِّمة القُشَيري وهو شاعر رقيق مطبوع من شعراء العاطفة في الحجاز، وهو صاحب الأبيات الشهيرة: