ولعبد اللهبن رواحة أحد القواد الشهداء مقطوعة قالها في مؤتة، ومؤتة معروفة الآن وهي إلى جنوبي الكرك، وإلى جنبها مدافن الشهداء في مكان اسمه اليوم «المَزار».
ولقد سِرتُ إلى جنب الخط الحجازي كله من المدينة المنورة إلى دمشق، ومررت بمحطاته المهدَّمة، ورأيت ما انتهى إليه حاله. وكان في أوله في دمشق معمل كبير أُنشئ مع إنشاء الخط قالوا إنه يستطيع أن يصنع قاطرة كاملة، وكان في المدينة المنورة محطة كبيرة، وفي تبوك في وسط الطريق تماماً بين دمشق والمدينة محطة مثلها.
وقد كان من أواخر مَن ركب القطار وفدٌ من كبار علماء دمشق بعثَت بهم الحكومة إلى المدينة المنورة، وكان فيهم أبي رحمه الله ورحمهم. وقد أخذوهم كرّة أخرى إلى إسطنبول ليُروهم «جناق قلعة» وتحصيناتها، وكان خطيب الوفد الشيخ أسعد الشقيري، وهو فلسطيني، وهو والد الأستاذ أحمد الشقيري صاحب الخطب المأثورة. وكان الأستاذ أحمد كأبيه خطيباً طلق اللسان صاحب فصاحة وبيان، ولكن الأساليب تتبدّل بتبدّل الزمان، والمبالغات التي كانت تُعجِب يوماً السامعين وتُطلِق ألسنتهم بالهتاف وأكفَّهم بالتصفيق لم تعُد تصلح لهذه الأيام، وهي من باب قول الرافعي رحمه الله عن الطليان في قصيدته المشهورة: