والببغاوات في لكنو وفي أمثالها من مدن الهند الداخلية تطير حرّة كالعصافير، وأجمل منها الطواويس تختال في الشوارع الكبرى والحدائق العامّة مثلما تختال البقر (ولا مشابَهة!) ولا يعرض لها أحد.
ومن أخبار الحيوانات التي رأيتها أن الجواميس في الهند الجنوبية والملايا (ماليزيا) وأندونيسيا هي التي تجرّ مراكب الحمل، وهم يَخرمون آنافها ويضعون لها الأرْسان.
ورأيت في لكنو حيوانين لم يكونا يومئذ في حديقة القاهرة هما «البَبْر»، أي الأسد الهندي، وهو كما قالوا أخطر من الأسد الإفريقي. ورأيت الكَرْكَدَّن، أي وحيد القرن، وهو بحجم الجاموس العظيم ولكن رأسه أكبر من رأس الفيل على ذمّة ابن بطوطة، وله قرن واحد يبلغ طوله كما رأينا نحواً من نصف ذراع. وكان نائماً فطلبنا من خادم الحديقة أن يوقظه لنراه، فجعل يطعنه برمح له سنان حاد فلا يتحرّك، فخفنا أن يجرحه، فأفهمَنا الترجمان أن جلده لا تؤثّر فيه الأسنّة. والغريب أنه يعيش على أكل الحشيش، فلما قطع له الخادم أوراقاً من الشجرة وألقاها قريباً من أنفه وشمّ رائحتها قام متثاقلاً فأكلها، ثم ألقى نظرة علينا من طرف عيونه الصغار جداً، فظهر لنا أننا لم نُعجِبه ولم يرَ فينا ما يستحقّ النظر، فقلب شفته احتقاراً وحرّك قرنه (أو هذا ما خُيّل إلينا) ورجع فنام.
وأخبث حيوان رأيته هو أني نزلت في دهلي في نُزُل كبير للحكومة يشبه الفندق فيه نحو ستمئة غرفة اسمه «كونْستِتْيوشِنْ هاوْس». وكنت قد فصّلت في كلكتا قميصاً جديداً ألبسه بدل