ما لا يزيد حجمه مهما بلغ من العمر عن حجم القطة الصغيرة. ولقد أردت أن أشتري واحداً منها فإذا هو غالي الثمن، وإذا الطيارة لا تُركِبه معي إلاّ بصعوبة بالغة وبعد فحوص طبية لا أقدر عليها لنفسي!
وابن القرد يتعلق ببطن أمه متمسكاً بخاصرتيها وهي تثب به الوثبة بعرض ستة أمتار أو سبعة، وهو يقلّد الناس تقليداً يُضحِك الأم الثكلى (كما كانوا يقولون). ولقد رأيت من قبل في حدائق الحيوان في مصر وغيرها من القردة، ولكن القرد المطلَق يفعل ما لا يفعله المحبوس في القفص.
ودخلت غرفتي في الفندق، وهو عادة ساكن هادئ من أجمل ما نزلنا فيه من الفنادق، فسمعت صوت رجل عجوز يتكلم الإنكليزية فيجيب طفل صغير ألثغ ينطق السين ثاء، ثم تعقّب عليهما فتاة بصوت فضّي له رنين، وتكون سكتة ثم يرجع صوت العجوز والطفل والفتاة بالكلام نفسه، وتَكرّر ذلك عشرين مرة، فعجبتُ وخرجت فلم أرَ أحداً، فعُدت إلى غرفتي فسمعت الأصوات ذاتها، فجعلت أفتّش فإذا الصوت من طائر أسود في قفص يشبه الشحرور تماماً، وإذا هو أفصح من الببغاء وأغلى منها ثمناً يقلّد الأصوات كلها، يسمّونه «اليمامة». ومن المصادفات التي قد لا يصدّق بعض القراء أنها وقعت أنه كان معي في تلك الساعة كتاب «تاريخ الخلفاء» للسيوطي، وهو من الكتب التي أُولِعتُ بها من صغري وأعَدت قراءته أكثر من عشرين مرة، فوجدت فيه خبراً عن مثل هذا الطائر أُهديَ إلى الخليفة يقلّد الأصوات، وأطبقتُ الكتاب وخرجت من الغرفة وإذا بي أجده!