للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

من دهلي إلى لكنو، تنزل في فندق كبير في القسم الجديد من المدينة، وهو «حضرت كنج».

ولكنو ثلاثة أقسام: قسم قديم مسوَّر مُغلَق من كل جهة ما فيه إلاّ بابان متقابلان يصل بينهما شارع واحد، وقسم كبير فيه جلّ المدينة، والقسم الجديد الذي فيه الفندق. وكان يوماً مطيراً تهطل أمطاره كأفواه القِرَب، فأخذنا غرفتين في الفندق، وكان أكبر فنادق البلد، وحاولنا أن نهتف بالأستاذ الندوي فلم نجد إليه طريقاً. والشيخ أمجد رحمه الله يضيق صدره ولكن ينطلق لسانه، فلا يسكت عن النقد وعن الإلحاح عليّ بأن أُخرِجه من هذه الورطة، فأخذت سيارة تحت المطر وجعلت أجول في الطرق لا أعرف أين أتجه، وكلما التفت إليّ السائق يسألني أشرت إليه بأن يمضي. والعداد، عدّاد التاكسي، يسجّل علينا، حتى مررت برجل تفرّست فيه فوقع في ظني أنه من جماعة أبي الحسن، فأخذنا إليه.

أعود إلى ما بدأت به في الكلام عن الحيوانات، وهو الموضوع الذي عقدت هذه الحلقة عليه. لمّا وصلنا إلى لكنو مدينة أبي الحسن قبل أن نلقاه قعدت في شرفة فندق كارلتون العظيم وطلبت شاي العصر، وهو عند الإنكليز من الفرائض، فسمعت جاري الإنكليزي يصيح، فنظرت فإذا القرد قد تغفّله وخطف قطعة الفَرَانيّ (الكاتو)! وإذا السطح كله قِرَدة تثب وتدخل البيوت وتخطف الطعام، وهي مثل القطط في بلادنا، والشجر المحيط بالفندق مملوء بالقردة تتسلّق أغصانَه وتقفز من غصن إلى آخر. ومنظرها من أمتع المناظر، منها الكبير ومنها الوسط، ومنها

<<  <  ج: ص:  >  >>