للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الكبار كانوا بقراً. سَجّلوا الحديث ودفعوا لي أعلى قدر من المكافآت التي تُعطى لمحدّث وودّعوني وشيّعوني إلى الباب، ثم لم يُذَع هذا الحديث!

وهم لا يحرّمون ذبح البقرة وحدها بل يحرّمون قتل كل ذي حياة، حتى لقد حدّثوني أن الإنكليز رأوا في الحرب العامّة الماضية كثرة الفئران وفتكها بمخازن القمح، فجعلوا لكل من يقتل فأراً ويأتي بذنَبه خمس آنّات (والآنّة كالهللة (أو الهلالة) هنا والفلس في العراق والملّيم في مصر). فهاجت العامّة وضجّت الصحف وكانت المظاهرات، حتى استجابت الحكومة وأبطلت القرار، وتركت الفئران تأكل من القمح ما تشاء.

ولمّا وصلتُ إلى «لَكْنَوْ»، ولوصولي إليها قصة لم أكتبها ولم أحدّث بها، تلك أننا أنا والشيخ أمجد الزهاوي رحمه الله كلما جئنا بلداً وجدنا من يستقبلنا ممن يهتمّ بالقضية التي رحلنا من أجلها وللتعريف بها، وهي قضية فلسطين. فلما نزلنا من الطيّارة في لكنَوْ لم نجد في استقبالنا أحداً (١). ولكنو كانت محطّ رجائنا وموضع ثقتنا لأنها بلد أخينا وحبيبنا الأستاذ أبي الحسن النّدْوي، فما عرفنا أين نذهب، فسألت عن الأوتيل (وكلمة «أوتيل» تُفهَم في كل مكان) فعرفنا أن الشركة، شركة الطيران التي حملتنا


(١) سيأتي هذا الخبر بتفصيل أكبر في الحلقة الثانية من «الندوي ومذكراته»، وهي الحلقة ٢٢١، وفيها: "لمّا وصلنا لم نجد في استقبالنا أحداً، لأنهم ترقبوا وصولنا بالقطار وانتظرونا في المحطة، لم يقدّروا أن نأتي بالطيارة" (مجاهد).

<<  <  ج: ص:  >  >>