للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ولقد حكم مصرَ من قبلك فاروق ومن قبله المماليك، ومن قبلهما فرعون وهامان، فأين اليوم فرعون والمماليك وفاروق؟ أين مَن بنى وشيّد؟ أين من طغى وبغى وقال أنا ربكم الأعلى؟ لقد ساروا جميعا في ركاب ملَك الموت ترافقهم دعوات المظلومين حتى وردوا على من لا يضيع عنده مثقال ذرّة في السماوات والأرض. فاتّقِ ياأيها الرجل دعوات المظلومين في الأسحار فإنها السهام التي لا تُخطئ، واعتبر بمن مضى قبل أن تصير أنت عِبرة لمن يأتي، وابكِ على نفسك قبل أن لا تجد من يبكي عليك.

أما أنتم ياأيها الشهداء فهنيئاً لكم، طبتم فادخلوها خالدين؛ فلقد فزتم بثواب الدنيا وحسن ثواب الآخرة. لقد شيّعَتكم في كل بلد من بلدان هذه الأرض المسلمة الملايينُ ممن لم يكن يعرفكم وتعرفونه، ولكن الله ملأ قلوبهم جميعاً حباً بكم وألسنتَهم هتافاً بأسمائكم، بوادر في الدنيا مما أعدّ الله لكم من التكرمة في الآخرة.

إن النساء في الخدور والأطفال في المدارس والتجار في الأسواق، الذين فاروا من أجلكم وثاروا، فترك الطالب درسه والتاجر كسبه، وخرجوا جميعاً إلى الشوارع والأسواق غضباً لكم وحزناً عليكم، فإن ضنّ عليكم الظالمون بالماء غسلوكم هم بالدموع الجواري، وإن بخلوا عليكم بالقبور دفنوكم في الأفئدة البواكي، ثم مشوا بكم في مواكب النور التي لا تفتأ تتسلسل وتتعاقب سائرة في الزمان، من لدن حمزة وجعفر وشهداء الفتح في بدر والقادسية واليرموك، ومَن قتل الطغاةُ الظالمون من مثل الحَجّاج وهولاكو وتيمور، إلى شهداء النضال من أجل الاستقلال

<<  <  ج: ص:  >  >>