للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الصبر وأن يديمه عليّ، وجعلهن جميعاً وله الحمد صالحات متعلّمات داعيات إلى ما يُرضي الله.

وتزوّجن ورُزقن بنين وبنات صالحين وصالحات، وتزوّج أبناؤهن وبناتهن ورُزقن ذرية أفضل الله علينا فجعلها صالحة؛ فصارت بناتي جدات، وصرن يَقُلن لحماتي (التي توفّاها الله من شهرين اثنين، المرأة الصالحة بنت من كان يُدعى في الشام «المحدّث الأكبر» وكان كبير العلماء، الشيخ بدر الدين) صارت حفيدتي تقول لها (كما جاء في المَثَل): «يا سِتّي كلّمي سِتّك» (أي: ياجَدّتي اذهبي إلى جَدّتك).

* * *

وضاق بنا بلدنا، البلد الذي أحببته حباً قلّ أن يحبّ مثلَه أحدٌ بلدَه، وكتبت عنه ما لم يكتب مثلَه ابنُ بلد عن بلده، ثم قضى الله أن أُحرَم منه وأن أُبعد عنه، فنزلت بلداً أشرف منه شرفاً وأعلى عند الله مقاماً، نزلت أحبّ بلاد الله إلى الله: مكة أم القرى، مشرق النور ومنبع الإسلام. ووجدت فيها من ملوكها وأمرائها ومن شعبها، وجدت شيئاً أكون ألأمَ الناس لو أهملت ذكره ونسيت شكره. وعرفت خمسة من الملوك، رحم الله من مضى ووفّق من بقي، بعضهم من قرب وبعضهم من بُعد، ولكنني أحببتهم جميعاً لأنهم صنعوا لهذا البلد أكثر مما صنع ملوك بني أمية وملوك بني العباس ومَن جاء بعدهم من الملوك جميعاً.

صنعوا له العجائب؛ نقلوه من صحراء تموج فيها قبائل متخاصمة متحاربة ما عندها إلاّ حكومات هزيلة ضئيلة، فجعلوها

<<  <  ج: ص:  >  >>