للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الاسم) ثم يُسدِلون عليها ستاراً يكون غالباً مزوَّقاً مطرَّزاً. وكان نساء دمشق فوق أعمالهن الكثيرة التي تقوم بها اليوم الآلاتُ الكهربائية، كُنّ فوق ذلك يطرّزن ويَخِطن ويُبدِعن في التطريز والخياطة، ولا تزال زوجتي تصنع ذلك إلى الآن، وعندها قطع كبيرة من القماش قد طرّزتها بيدها فيها صور وفيها أوراد وأزهار تصلح الواحدة منها لتكون لوحة فنية.

* * *

وكان يُعجّبني (بتشديد الجيم) من الشيخ مسعود أنه كان ينام بجبّته لا يخلعها وعمامته على رأسه لا يضعها، ثم يصبح وما فسدت العمامة ولا تأثر الثوب، لأنه كان يضطجع على جنبه الأيمن فلا يتحرك شعرة واحدة حتى يصبح! رأيت ذلك منه مرات لا أُحصيها.

والشيخ مسعود مهذّب اللفظ رفيع الخلق، علمت من بعدُ أنه أديب، وأنه من أوائل الذين انتُخبوا أعضاء في المجمع العلمي العربي (الذي يسمّونه الآن مجمع اللغة العربية)، وأنه يُحسِن التركية والفرنسية، وقد تعلمها على كبر.

كان أولَ من جاء يعزّينا يوم مات أبي، وأذكر أنه سألني عن قريب لنا فقلت إنه شقيق أبي من الرضاعة، فقال لي مبتسماً: لايُقال شقيقه من الرضاعة ولكن يُقال أخوه. وكانت نصيحة لطيفة أُلقيَت بلهجة ناعمة، ولكنها حزّت في نفسي لأنني كنت -في تلك السنّ- أرى مثل هذه الغلطة تقع مني شيئاً كبيراً.

<<  <  ج: ص:  >  >>