بلا مبرّر، يضرب الأولاد ضرب منتقم لا ضرب مربٍّ معلم، لذلك مُنع الضرب في المدارس وتُرك لراعي الإبل في البرّ لا للمعلم في المدرسة.
رأيت هؤلاء الإخوان المعلمين مبتهجين بالعيد فرحين بالعطلة، فقلت لهم: هنيئاً لكم عيدكم، ويا ليتني أجد عطلة أفرح بها! قالوا: أوَليس عندك عطلة ولا راحة؟ قلت: إني من سنوات طوال، من يوم انتقلت في الشام إلى محكمة النقض (محكمة التمييز) لا أشكو إلاّ شيئاً واحداً، هو دوام العطلة وطول الراحة؛ فقد ألِفت عملي في المحكمة وعرفته حتى ما أحسّ ولله الحمد تعباً في دراسة قضية ولا في إعداد حكم، ثم إن العمل قليل أو إني أُنجِزه بسرعة فأجده قليلاً، ويبقى وقتي فارغاً. ثم جئت المملكة أُدرّس في الكلية في الرياض أولاً ثم في مكة، ولا أحتاج في إعداد الدرس (والحمد لله) إلاّ إلى مراجعة قصيرة وموادّ المنهج حاضرة في ذهني، فيبقى وقتي فارغاً.
قالوا: فلماذا لا تملؤه بالقراءة؟ قلت: ومن يقرأ أكثر مني؟ أنا من سبعين سنة إلى الآن، من يوم كنت صبياً، أقرأ كل يوم مئة صفحة على الأقل، وأقرأ أحياناً ثلاثمئة أو أكثر، ما لي عمل إلاّ القراءة، لا أقطعها إلاّ أن أكون مريضاً أو على سفر. فاحسبوا كم صفحة قرأت في عمري. لقد قرأت أكثر من نصف مليون صفحة. وأعرف مَن قرأ أكثر مني كالأستاذ العقاد والأمير شكيب أرسلان ومحمد كرد علي ومحب الدين الخطيب رحمهم الله.
فأنا لا أتكلم على القراءة ولا أشكو الضيق والفراغ، ولكن