للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ما وصل هو الجلد وأعاده إلى مكانه ولكنه وصله الله. وما ينبت الزارعُ الزرعَ ولكن يُنبِته الله. إن كل ما نصنع هو أن نستعين بالطبيعة التي طبعها الله.

وإني لأعجب من بعض الدعاة حين يقولون إن من مزايا القرآن أنه سبق العلم. إنهم كمَن يأتي إلى رجل بنى بيته على هيئة الكعبة فيقول له: إن الكعبة قد سبقت بيتك وجاءت على هذا الشكل من قبله! إن مثل القرآن والعلم كمثل سائق سيارة يمشي بها في السهل الواسع، يرى القمر أمامه مُطِلاًّ عليه من فوق الجبل فيسرع ليدرك القمر، والقمر في مكانه. إن القرآن لا تبلى جِدّته ولا ينفد مَعينه، فكلما ازددنا علماً وجدنا تفسيراً للقرآن جديداً لم يعرفه الأولون، لأن الذي أنزل القرآن هو الذي خلق الأكوان ويعلم ما يجد فيها وما يؤول إليه حالها.

وأحمق الناس الذين يزعمون من أعداء الإسلام أن محمداً عليه الصلاة والسلام إنما تعلم من الرهبان، من بَحيرا. وما بحيرا وما مبلغه من العلم؟ وهل عرف بحيرا أو عرف أحدٌ على ظهر الأرض يوم نزل القرآن مراحلَ تكوّن الجنين في بطن أمه في ظلمات ثلاث؟ فمَن أنبأ بهذا محمداً؟ إن أرسطو الذي كانوا يلقّبونه بالمعلم الأول لا يعرف من تكوّن الجنين في الرحم إلاّ أشياء رُويَت عنه يضحك منها الآن الطالب في المدرسة المتوسطة، فكيف عرف محمد ‘ ما لم يكن يعرفه أحد على ظهر الأرض ولم يعرفه الناس إلاّ بعده بأكثر من ألف سنة، وقد كان في بلد بعيد عن مراكز الحضارة في قرية ما فيها مدرسة أولية ولا كان فيها ممن يقرأ أو يكتب إلاّ أحد عشر رجلاً وامرأة

<<  <  ج: ص:  >  >>