ومن مزايا تاريخ الطبري أن سيرة ابن إسحاق التي شاع أنها مفقودة، هذه السيرة موجودة في تاريخ الطبري روايةً عن محمدبن سلمة عن ابن إسحاق، وابنُ هشام في مختصره يرويها عن الطبري. وقد تنبّهت إلى هذا وكتبت أنبّه عليه من نحو خمسين سنة، وانتدبت أخي ناجي القاضي، ثم بنتي بيان المحاضرة في الجامعة في جدة، ثم ابن بنتي مجاهد المهندس، إلى استخراج هذه السيرة من تاريخ الطبري ومقابلة أخبارها على كتب التاريخ وطبعها وحدها. وأظن أن بعضهم يعمل في ذلك الآن.
* * *
وما طالت أيامي في كلية الشريعة، لأنهم قرّروا اتّباع سنّة السوء المتّبَعة في الجامعة وهي جمع الطلاب والطالبات معاً في قاعة الدرس، فأبَيت ذلك، واجتمع مجلس الكلية وكان فيه شيخنا الشيخ محمد بهجة البيطار والأصدقاء المصطفيان الزرقا والسباعي والأستاذ المبارك والدكتور معروف الدواليبي، رحم الله مَن مات منهم وأطال حياة الباقين، فكانوا جميعاً عليّ يقولون: إن البنات محجَّبات، وليس الاجتماع خطوة ممنوعة ولا دليلَ على منعه. وأنا أراه باباً إن فتحناه دخل منه الحرام. وذكّرت أخي الأستاذ الزرقا بأنه كان معنا -لمّا كنا ندرُس معاً في كلية الحقوق في أوائل الثلاثينيات- فتاة تأتي بالملاءة مغطّى وجهُها فلا تكشفه إلاّ في الفصل، ثم إنها (وأستغفر الله من هذا الكلام) لا يمكن أن تُغري أحداً بالحرام! فانظر اليوم إلامَ انتهى الأمر؟
وجادلتهم فلم يُفِدني جدالهم، فقلت لهم: إني أُعيد الدرس