للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

حديث آخر (١).

نزلنا في فندق مصر، وكان هو الفندق الوحيد في مكة أو كان أكبر الفنادق وأفخرها (٢). وليس عندي من آثار تلك الحِجّة إلاّ خلاصة المحاضرة التي ألقيتها في حفلة تعارف الحُجّاج في قاعة الفندق وحضر جانباً منها الملك سعود رحمه الله. ولم أُعِدّها ولم أحضّرها، وما من عادتي أن أُعِدّ المحاضرات، إنما أفكّر فيها وفي أعمالي كلها في اللحظة الأخيرة، حتى إنهم لو كلّفوني بمحاضرة أو مقالة يريدونها بعد شهر أو شهرين لَما فكّرت فيها ولَما أخطرتُها على بالي إلاّ حين يبقى دون الموعد يوم أو يومان، هنالك أجمع لها ذهني وأحتشد لها فيوفّقني الله بفضله فيها. ولا يضرّني ضيق الوقت إذا تركّز الذهن وكان كعدسة البلّور التي تجمع أشعة الشمس، فتحرق بها الورق لو اجتمع الشعاع في مكان ضيق المساحة قليل الطول والعرض.

كان عنوان المحاضرة «طرق الدعوة إلى الله»، من قرأها حسب أني اشتغلت بإعدادها وقتاً طويلاً. بيّنت فيها أساليب الدعاة وطرق الدعوة:

طريق الدعوة إلى الله بإصلاح الملك أو الحاكم، يجعله الداعي قصدَه ويبلغ في إصلاحه جهده، كما فعل السَّرْهَنْديّ في الهند حين رأى الإمبراطور أكبر يكفر ويحمل الناس على الكفر ويحاول أن يمحو الإسلام من تلك البلاد ومن نفوس أهلها، وكان


(١) سبق في أواخر الحلقة ١٣٩ من هذه الذكريات (مجاهد).
(٢) قال في الحلقة ١٢١: "وهو فندق الكعكي الآن" (مجاهد).

<<  <  ج: ص:  >  >>