للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الجيش معه والزعماء يؤازرونه والحكم له والمال تحت يده، وكان الشعب عاجزاً ضعيفاً لا يستطيع أن يأمره بمعروف ولا أن ينهاه عن منكَر، فجعل الشيخ يتصل بأسرته وحاشيته لعلّه يستخلص منهم واحداً للإسلام، وما زال يعمل هو وأولاده وتلامذته حتى وُفّق إلى ما يشبه المعجزة، حين أخرج الله به وبتلاميذه من صلب ذلك الإمبراطور المرتدّ الكافر ملكاً كان من أفضل ملوك الإسلام، ومن أعدلهم وأتقاهم وأشدّهم حزماً وأكثرهم إصلاحاً، وكان بقية الخلفاء الراشدين (كما لقّبته في كتابي «رجال من التاريخ»)، هو عالم كير أورَنْك زيب بن شاه جيهان بن جيهان كير بن أكبر. وهذا الطريق قصير المدى، عاجل النفع، سريع الثمرة، ولكن ثمرته تبقى ما بقي هذا الحاكم الصالح، فإن زال زالت.

وطريق الدعوة الشعبية التي يحميها الحاكم، فيؤيّدها بسلطانه ويردّ عنها الأذى بسيفه، كما فعل الشيخ محمد بن عبدالوهاب في نجد حين حالف الإمام محمد بن سعود، ووجّها همّتهما للدعوة إلى الله باللسان وبالسنان حين لا ينفع اللسان، فنجحَت واستمرّت.

وطريق الدعوة الشعبية التي تحميها الثورة المسلّحة، كما فعل أحمد بن عرفان في الهند حين جنّد أتباعه وحمل أمامه راية الجهاد، وواتاه النصر حتى أقام دولة إسلامية في شمالي الهند تحكم بالكتاب والسنّة وتوشك أن تُعيد الهند كلها إلى الإسلام، لولا أن الإنكليز لمّا عجزوا عن هدمها بقوة النمر حاربوها بمكر الثعلب، وأثاروا عليها المسلمين من رجال القبائل القوية المسلحة فهدموا دولتهم بأيديهم، فكانت النتيجة الفاجعة، إذ ذهبت الدولة

<<  <  ج: ص:  >  >>