اللجنة العليا، فلست أدري الآن ما اسمها على وجه التحقيق) اعتذرت عنها وقلت لهم: أنا جندي من بعيد، لا أتقاعس عن عمل نافع أقدر أن أقوم به، فاكتفوا بهذا مني.
ودُعينا مرة إلى طعام عند قاضي المدينة الشيخ عبد العزيز قوّاه الله وأطال عمره (١)، وهو شيخ فاضل وخطيب من الخطباء البلغاء، وله في صوته صفاء عجيب يذكّرني بخطيب الجامع الأموي من نحو نصف قرن الشيخ عبد القادر الخطيب. ورُبّ خطيب يكون أجش الصوت وإن كان بليغ العبارة، فالعبارة والفكرة من عمل الرجل، ولكن الصوت صفاءه وعكره وانخفاضه وارتفاعه هبة من الله.
وأنا في العادة لا أجيب دعوة إلى طعام، لا مخالفة للسنّة ولا فراراً من الاجتماعات النافعة، ولكن لي فيها فلسفة قد تكون سخيفة، هي غلاء حرّيتي عليّ؛ فأنا آكل ما أشاء حين أشاء، وإذا دُعيت أطعموني طعاماً هو أطيب من طعامي في بيتي ولكن سلبوني حرّيتي في اختيار لون الطعام ووقت تناوله واختيار الآكلين معي منه، فتكون خسارتي أكبر من ربحي!
والحديث متصل، ستأتي بقيته في الحلقات المقبلات إن شاء الله.
* * *
(١) هو الشيخ عبد العزيز بن صالح، وقد سبق هذا الخبر (بزيادة ونقصان) في الحلقة ١٢١ من هذه الذكريات (مجاهد).