العصر، ممن سار فيها مع السنين وجاء بها مرتَّبة ترتيب الأيام في مجرى الزمان كأحمد أمين، ومَن اتخذ منها مواقف فصّلها تفصيل الأديب وعرضها عرض المنشئ البليغ كطه حسين، ومن أخذ مما رأى وسمع مشاهد علّق عليها، وإن لم يستوفِ عناصرها ولم يجمع أطرافها، كمحمد كرد علي. أما أخونا الأستاذ أبوالحسن فقد جمع في سيرته بين الحديث عن أصله ومنبته، وعن بيته وبلده، وعن دراسته وتحصيله، وعن أصحابه وتلاميذه، فلم يدَعْ شيئاً إلاّ قاله. فماذا ترونني قائلاً اليوم؟
لقد كتب عن أسرته، أهل أبيه وأهل أمه، وإذا هو المُعَمّ المخوَّل (١) كما كانت تقول العرب، وإذا هو عالِم من نسل علماء. ولقد عرفت من مطالعاتي أسراً توارث أبناؤها العلم فكانوا وكان نساؤهم من العلماء، كأسرة آل قدامة الذين منهم مؤلّف «المغني» أعظم كتب الفقه الإسلامي، وابن أخيه صاحب «الشرح الكبير»، والحافظ صاحب «المختارة» التي هي أصحّ كتب الزوائد على الصحيحَين. ولقد أُولِعت زمناً بتتبّع تاريخ هذه الأسرة فحصل معي من سِيَر نسائها العالِمات فضلاً عن رجالها العلماء أكثر من إحدى عشرة سيرة. ومن هذه الأسر في التاريخ القريب أسرة الشيخ محمد بن عبد الوهاب، وأنتم تعرفون من نشأ فيها من العلماء، وأسرة ولي الله الدهلوي في الهند، وأسر من أمثالها كثير أحصيت الكثير من أخبارها.
وأسرة المُهَلَّب، القائد الذي ظلمناه فلم نضعه في مكانه