للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

واختيارهم) لواحد من هذه الأسباب رأوا أن يُريحوه بالسمّ يدسّونه له في الدواء، فإذا الأزهر الذي بقي أكثر من ألف سنة يحمل مشعل العلم فيضوّئ للسالكين السبيل، والذي أُقيمَ بأموال الأوقاف التي وقفها نفرٌ من المسلمين لتعليم أولاد المسلمين، والذي كان فحل الجامعات لأنه الجامع وهي جامعات ... إذا الأزهر الذي يجرّ وراءه أمجادَ عشرة قرون تكسّرت أمواجُها على جدرانه كما يتكسّر عاتي الموج على صخور الشاطئ، فيقعد الموج ويبقى الجدار قائماً، إذا الجامع الأزهر المتفرد وحدَه بتلك المزايا قد مات وهو كامل الأعضاء واقف على قدميه، وإذا هم قد أقاموا مكانه جامعة لا تمتاز من أي جامعة في الدنيا، بل تكاد تقصر عن كثير منها!

كان الأزهر للدين والدنيا، فجعلوه للدنيا، وكان لأبناء المسلمين يتعلمون فيه دينهم أولاً، لأنه بُني بأموال المسلمين بدافع من الدين لرضا ربّ العالمين، فصار ... وأنتم أدرى بما إليه صار.

أمّا «الندوة» فمثل الشابّ الناشئ في طاعة الله؛ ما لها قِدَم الأزهر ولا لها مثل أمجاده، ولكنها أُسّست من أول يوم على التقوى؛ رُسم لها الطريق السوي فمشت فيه، لا الطريق انحرف بها عن الغاية ولا هي قد تنكّبَت الطريق.

كانت طريقاً وسطاً بين الأزهر بعدما شاخ وتخلّف شيئاً قليلاً عن الركب ومعهد ديوبَنْد في الهند الذي أقيمَ على غراره ومشى يتبعه في مساره، وبين جامعة عُلَيكرة التي أنشأها أحمد خان لتساير الزمان؛ فلم تجمُد «الندوة» جمود ديوبند والأزهر

<<  <  ج: ص:  >  >>