للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

جاءَ الزمانَ بنوهُ في شبيبتِهِ ... فسَرَّهُمْ وأتيناهُ على الكِبَرِ

وأنها كانت في عهد نومها لا في حين يقظتها. وما أذكر أنه مرّ عليّ يوم في شبابي إلاّ والذي بعده كان شراً منه، وأن ما بكينا فيه منه بكينا بعده عليه؛ ذلك أننا كنا -نحن المسلمين- في نَومة طويلة امتدّت إلى أوائل القرن الماضي، ثم صحونا على صوت منا يهتف بنا أن نعود إلى ينابيع قوتنا ومصدر عزّتنا، هو صوت الشيخ محمد بن عبد الوهاب، وصوت غريب عنا ينبّهنا إلى ما جدّ عند غيرنا فأقبلوا عليه وبقينا نحن نعيش على قديمنا الذي نشأنا فيه، هو الحملة الفرنسية على مصر.

لقد كان المسلمون دولة واحدة، فانشعبت منها شعبة لمّا ذهب عبد الرحمن الداخل الأموي إلى الأندلس فأقام فيها إمارة صارت بعده دولة أخرى، ثم توالى الانقسام وازداد التفرّق، حتى إذا انتهت الحرب الأولى صارت سوريا (التي كانت على عهد العثمانيين ولاية واحدة) صارت دولاً: دولة دمشق، ودولة حلب، ودولة العلويين، ودولة جبل الدروز. وشهادتي الابتدائية في أعلاها طُغَراء «دولة دمشق» وفي أدناها توقيع حاكم هذه الدولة حقي بك العظم!

هوت دولة الخلافة كما قال شوقي: «هوَتِ الخلافةُ عنكِ والإسلامُ». أمّا الخلافة فنعم، أما الإسلام ياأمير الشعراء فلا يهوي أبداً، وإنما هو إلى ارتفاع وإلى سموّ والعاقبة له. كان أعداء الإسلام عاملين على هدم الخلافة، وتولّى كِبر ذلك اليهود، شياطين البشر وسبب كل أذى وضرر، الذين يُفسِدون بأموالهم

<<  <  ج: ص:  >  >>