للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

سدّة واطية يقدر الولد أن يتخطاها برجله، والإنسان يُولَد قطعة جامدة من اللحم والعظم لا تنطق ولا تتحرك. ثم تكبر السنديانة حتى تصير دوحة راسية لا تزعزعها الأعاصير، وترتفع المنارة حتى تغدو صرحاً عالياً لا يصل إلى ذُراه إلاّ النسر والعقاب، وينطق الولد الأبكم حتى يأتي بروائع البيان وخوالد القصائد، ويمشي حتى يجزع الأرض ثم يعلو الجبل ثم يركب الفضاء إلى القمر.

وهذا المؤتمر إن بدأ صغيراً فسيكبر إن شاء الله، وستجتمع في مثله القلوب كما اجتمعت فيه الأجساد والآراء، ثم يصير المؤتمر جامعة للدول الإسلامية، ثم تصير الجامعة اتحاداً، ثم يغدو الاتحاد وحدة. وحدة إسلامية كما أمر الله أن تكون، أمة واحدة الله ربّها ومحمد إمامها، والقرآن دستورها، والحكم لها والعلم فيها، تمتدّ من غانة إلى فرغانة، تجمعها الكعبة التي نُطيف بها ونقوم صفوفاً من حولها، دوائر وسط دوائر، وهي مركز مدارها وقطب رحاها.

لا تستكثروا شيئاً على الله، فالله الذي منح أجدادكم السيادة والسعادة والحضارة والسلطان هو الله باقٍ لا يزال، قادر على نصركم إن نصرتموه، يدافع عنكم كما وعدكم، ولكنّ لكل شيء سبباً؛ فمَن حرث وزرع أعطاه الله الثمر، ومن درس وقرأ منّ الله عليه بالنجاح، ومن تداوى نال من الله الشفاء. وسببُ نصركم أن تنصروا ربكم، وتتبعوا شرعكم، وتتمسّكوا بدينكم.

يا أيها الإخوان، إلى متى نقول هذا الكلام فلا يستمع له أحد؟

* * *

<<  <  ج: ص:  >  >>