للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

سنة ١٣٨هـ إلى حين انعقاد القمة الإسلامية الأولى، في هذا التاريخ الطويل الذي امتدّ أكثر من ألف ومئتَي سنة لم يجتمع حُكّام المسلمين في مكان واحد تحت سقف واحد ولم يتفقوا على رأي واحد، حتى اجتمعوا هذه المرة، اجتمعوا بعد التفرّق وتقاربوا بعد التباعد، وصدروا ببيان واحد فيه رأي واحد. لا أقول إنه أعاد الوحدة ولا جدّد الخلافة، ولا أقول إنها رجعت به دولة عمر بن الخطاب ولا دولة عمر بن عبد العزيز ولا دولة الرشيد ولا المأمون، بل أقول إنها بداية مرحلة جديدة ومولد عهد جديد.

إنه الفجر بعد الليل الذي طال حتى كدنا نيأس فيه من رؤية النهار. والفجر فجران: الفجر الذي تبدو فيه خيوط النور متفرقة على حاشية الأفق، ثم يأتي بعده الفجر الصادق الذي يملأ الأفق نوراً ويطلع على الدنيا نهاراً حقيقياً، والذي ينادي عنده المؤذن: «حيّ على الفلاح، الصلاة خير من النوم» فينفض النائمون الأغطية عنهم وينهضون يستقبلون يوماً جديداً بعزم جديد، ينبّهون العزائم بالوضوء الذي يُزيل عن أعضائهم بقايا المنام، ثم يستمدّون العون من الله بالصلاة التي يستنزلون بها النصر ويرجون الفلاح.

وقد يكون هذا الحدَث فجراً كاذباً لا يجب به الصوم ولا تصحّ فيه صلاة الفجر، ولكنه فجر على كل حال. إن لم يكن نهايةَ الليل فإنه دليل على أننا صرنا في أواخر الليل، وإن لم يكن بداية النهار فإنه دليل على أننا دنونا من النهار.

وكل شيء يبدأ صغيراً ثم يكبر: السنديانة الضخمة تبدأ نبتة صغيرة يستطيع العصفور أن يتناولها بمنقاره، والمنارة العالية تبدأ

<<  <  ج: ص:  >  >>