للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

والشيخ الصواف وأنا. وكان عليها ضيفان أحسبهما من الصحفيين من لبنان، وجعلوا يأتون بطبق بعد طبق، وأنا لا يحتمل أكلي كله ستّ دقائق فكيف أنتظر حتى ينتهي الطعام؟

وجاؤوا بطبق فيه شيء حسبته من المعجَّنات، فأخذت الشوكة لأمسكه بها ثم أقطعه بالسكين (كما رأيت الناس يصنعون)، وإذا هو صلب لا تنزل الشوكة فيه، وإذا هو ينطّ (وكلمة «نطّ» فصيحة) من الطبق، وأنا يجلّلني الخجل ولا أدري ما العمل، وأقول لنفسي: ويحكِ يانفس ما الذي جاء بك إلى مائدة الملك؟ ومتى كنتُ أصلح لها؟ وأجد أن الحقّ كله على الشيخ الصواف الذي أدخلني هذا المدخل، الذي يراه الناس نعمة يحرصون عليها وأجده أنا عذاباً أهرب منه، وتمنيت أن أجد شقاً في الأرض أو زاوية في الغرفة أختبئ فيها. وليس يعلم إلاّ الله كيف أمضيت مدّة الطعام، ولكن الذي أعلمه أنني قمت وأنا جائع.

ولم أجد مجالاً لأكلم الملك ليُعفيني مما دعوني إليه وما أهمّني حقاً، فعدت إلى الشيخ الصواف، وأحسب أنه هو الذي جرّ عليّ هذا كله، فاقترح أن يذهب بي إلى وزير الخارجية. فقابلت السقاف رحمه الله وقلت له: إن دار بنتي قريبة من وزارة الخارجية، وسأبقى إلى جنب الهاتف فإن طلبتموني جئت، ولكني أستحلفك بالله أن تُعفيني من النزول في الفندق ومن أن أكون من الوفود.

وكان هذا هو الاجتماع التمهيدي الأول للقمة الإسلامية التي توالى عقدها، والتي تنعقد للمرة الخامسة في هذه الأيام في الكويت. إنه من يوم ذهب عبد الرحمن الأموي إلى الأندلس

<<  <  ج: ص:  >  >>